محمد سعد ترك . الطالب بكلية طل الأسنان . المختفي من أكثر من عام . لمجرد أنّ زيارة الرئيس المخلوع تصادفت مع تمشّيه في
طرقات الشوارع المليئة بقوات الأمن وقتها ..
الزميلة هبة الله نقلت استغاثة والده وصرخة أمّه للمسئولين لمعرفة مكان ابنيهما
وكتبت عنه الناشطة والإعلامية بثينة كامل :
هو شاب مصري من رشيد في مقتبل عمره,طالب بالسنة الثانية بكلية طب الأسنان,سبق اعتقاله بالطوارئ مرة واحدة في مظاهرة طلابية.محمد يعاني آلاما نفسية يتلقى عنها العلاج التزم بيته بسببها لا يخرج قرابة الشهر إلي أن أتي يوم و أخبر محمد والدته أنه سيخرج ليتمشى قليلا و صادف ذلك زيارة السيد الرئيس لبلدته التي كانت شوارعها و مقاهيها تموج برجال الأمن السياسي و المخبرين,وهكذا يخرج محمد منذ أكثر من عام و لا يعود بعد ذلك.يحافظ والداه علي يقين لا يهتز بأنه حي يرزق.أستطلع ضباط مباحث أمن الدولة من والده نوع الدواء الذي وصفه له طبيبه النفسي و بديله المصري و أسعار هذا وذاك ففهم الأب المكلوم أن لعل ولده في حوزة الحكومة شأنه شأن عدد لا بأس به من شبان هذا البلد,طبيبه النفسي امتنع بنبل و أدب عن إعطاء أية معلومات تخص حالته حرصا علي حق المريض في السرية و كنت أحاول الحصول منه علي أية معلومات خاصة و أن مسئولا كبيرا في الدولة حادثته تليفونيا في الأمر فقال لي إن لعله قد انتحر. أُغلقت من دوني الأبواب و أنا في انتظار تحريات المسئول الكبير ورده حسبما وعد.
خالد سعيد خرج و قتل و توافرت له جثه تنزل لقبرها و تخرج منه أكثر من مرة و توافرت له صورة و هو ميت رأيناها جميعا،خالد سعيد له جنازة و قبر معلوم المكان ويمكن زيارته.خالد سعيد له أم تصورتٌ أنها مرت بأقسى ما يمكن أن تمر به أم وهي تري ولدها الشاب يضيع منها في لمح البصر ويدفن أمام عينيها في التراب، وهاهي مصر هذا الزمان تتفوق علي نفسها في مدي الألم الذي تسقينا..لدرجة أن القتل و الجنازة و الدفن علي قسوتها الشديدة هي أمور قد تبدو كنوع من الترف الذي قد لا نستطيع حتى الحصول عليه,رأينا أعمالا فنية في القديم تتكلم عن الأم التي تهيم علي وجهها صارخة من أعماق قلبها المكلوم أين أنت يا ولدي,كنا نتناول هذا النوع من الأعمال بخفة و شيء من السخرية في أعماقنا ظنا منا أنها مجرد مبالغات درامية،أما اليوم فإن مجرد الصراخ و الشكوى أصبحا بدورهما تهورا يكتمه الخوف و الرعب من البطش إشفاقا علي مصير الابن الذي قد يكون معتقلا، لعل الصراخ يضايق من اعتقلوه و خوفا أيضا علي ما تبقي من أبناء،و هكذا تمنع معادلة الطوارئ الجهنمية أما لأكثر من عام حتى من أن تصرخ أين أنت يا ولدي.
محمد ليس إلا حالة واحدة من بين الآلاف من حالات الاختفاء القسري ليس في مصر وحدها بل في كل العالم العربي الكئيب،لا أقول إن حكومات البطش هي السبب الوحيد في كل حالات الاختفاء و لكنني أقول إن هذه الحكومات تمارس مع الكوارث الطبيعية و الأمراض النفسية الدور ذاته بأن تكون أحد أسباب المرض و ليس أحد أسباب العلاج .
فأين محمد سعد ترك .. ؟ !!
0 Comments:
إرسال تعليق
عندك تمرّد .. ؟