مخطئٌ من ظن يوما أن الجراح تندمل ! ,
فالجراح, جسدية كانت أو نفسية ما هي إلا انحصار بين وجع الألم وشوق الأمل
.
ألمٌ من وجع الجراح وأملٌ في الشفاء منه , أملٌ في أن تكون تلك الآلامُ هي
الشوكة التي يثابُ عليها المرءُ وآلامٌ خشيةَ أن تمرَّ هذه الأوجاعُ سدى .
أملٌ في أن تكون آلاما تبعثُ الروح في جسد الأمّةِ من جديدٍ ,وآلامٌ خشية أن
تزداد الأمة غرقا في غفوتها هروبا من الأوجاع ! .
إنّها آلام الجراح يارفيقي .. والجراحُ لا تُشفى وإن سُّكِّنَتِ الآلام!
فأي منا ذاق من الجراح ما سكن آلامها ! لكن يظلُّ طيفُ ذكراها أقسى على
الروح من وجع آلامها ! , وكم منّا أصيب بجرح في جسده سكنت آلامه تلك القشرة
البنيةُ اللونِ التي تتكون على الجرحِ وهي نفس القشرة التي تعيد إليه
الألم بمجرد انتزاعها !؟
إنّها قشرةُ الصدأ التي تسكن وجع الآلام , هي ذاتها التي تبعثُ الألم من
جديد بمجرّد انتزاعها .
قشرةُ التفكّكِ التي أصابت الأمة فجعلت بين الأرواح قبل التراب حدودا تقف
حائلا بين الجسد والروح ليضمد جراحها المتبعثرة في شتى الأنحاء بين غزة
وسريا والضفّة ومالي !
بل هي القشرةُ التي تكونت على جراحنا المبعثرة بين هراءاتهم التي تقضي
بأولوية وقف نزيف الدم المصري عن السوري! ويلكم .. حتى الدم لن يسلم من
حدودكم!
عن فيرس التفكك الذي يصيبُ أرواحنا قبل أرضنا
عن أكذوبة المسار السياسي ووهم العرس الديمقراطي الذي يعزز آلامنا بتكوين
ذلك الكيان السلطوي الذي يمارس سلطته في تعزيز الحدود ويحيل بين جسدنا داخل
الحدود وبين تضميد الروح خارجها !
عن أكذوبة الديمقراطية ووهم المسار السياسي الذي اختزل كل آلامنا وجراحنا
التي نزفت دماء الحرية في بعض خلافات وهراءات سرية من أجل سلطة .
أيها الساسة .. ليست هكذا تضمدُّ الجراحُ يا سادة , ومساراتكم أنا بها
كافرٌ .
جراجنا تضمدها تلك البسمةُ التي ارتسمت على وجه ذلك المقاتل أن هانحن قد
وجدنا الطريق فاتّبعونا! وتكويها نفس الابتسامة التي ارتسمت على وجه تلك
الطفلة تثقبنا نظرات عيونها أن لم لم تفصلوا بيني وبين الشبيح قبل أن يفصل
بين رقبتي وبين جسدي !؟
جراحُنا ضُمدّت حين قال شاهرا سلاحه أنّ هذا هو الطريق طريقٌ واحدٌ يعبر
عبر فوهةّ البندقية , ويبعث فيها الألم أن سلكنا مسارا سواه , وأملٌ ينبعث
من بين ثرى التراب التي داسته جنود المقاومة كما انبعث البارود من نفس
التراب , وصمودٌ يستمدّ من ذلك النور الذي يشعُّ من وجوههم التي لازالت
تقطر ندى الوضوء .
جراحُنا تندمل فقط حينما نجدُ أنفسنا في بلاد الأندلس ترتسم الابتسامة
وجوهنا إلى العراق, أن اثبتوا وقاتولوا , إلى بلاد المغرب أن جدّوا السير
تحرّروا , في أرض الحجاز أن انتفضوا وانتزعوا , إلى بيسان أن زهرّي ورودك ,
إلى أقصى الأرض وجنوبها إلى آيرلندا وبورما والهند والرستن ,إلى مشرق
الأرض ومغربها , أن انتفضوا أعيدوا إلى نبض الإنسانية شريان حياتها من درعا
, أنّ زهرّي أزهارُكِ فـ آن لها أن نمتشق عسلُها ,
من الشام .. إلى القدس : أن قاتلوا , إنّا معكم مقاتلون .
إلى أنفسنا .. أما آن لنا أن نبعث الأمل بانتزاع تلك القشرة التي تراكمت على جراحنا ؟
ضمّدوا جراح أرواحكثم وأسقطوا الحدود بين أنفسكم , يتثنّى لنا إزالتها بين
روحِ الأمّة وجسدها